كارثة صحية تنتظر القطاع
مخابز غزة تستخدم أعلاف الطيور في انتاج الدقيق وتزايد ضحايا الحصار
استمراراً للأوضاع الإنسانية المأساوية بقطاع غزة, حذرت وزارة الصحة الفلسطينية المقالة السبت من خطر توقف أكبر مستشفيات قطاع غزة عن العمل إذا استمر الحصار الذي تفرضه إسرائيل على القطاع فيما بدأت المخابز باستخدام القمح المخصص لأعلاف الطيور لتحويله إلى دقيق.
وقال همام نسمان المتحدث باسم الوزارة:" إن مجمع الشفاء الطبي ومستشفى غزة الأوروبي أكبر مستشفيين بغزة دخلا في أزمة حقيقية تنذر بوقوع كارثة صحية نتيجة تعطل المولدات الكهربائية الرئيسية جراء منع الاحتلال الاسرائيلي ادخال قطع الغيار".
وحذر من الخطر على الحالات الموجودة في قسم العناية الفائقة واجهزة غسل الكلى واقسام الحضانة، موضحًا أنه يوجد في المستشفيين 25 حالة عناية مركزة بالاضافة الى اكثر من اربعين طفلا في الحضانات.
تراكمات الحصار
ومن جهته, قال الطبيب حسن خلف مدير مستشفى الشفاء الطبي إن الازمة تكمن في تراكمات الحصار. الكهرباء جزء اساسي لاستمرارية الخدمة الصحية، موضحـًا أن المولد الرئيسي معطل منذ شهرين ولا نستطيع ادخال قطع غيار له ونعتمد على المولد الثانوي الذي تعطل هو الاخر بالامس مما عرض حياة 30 طفلا في الحضانة الى الموت لولا ان الكهرباء عادت في اللحظة الاخيرة بعد ان ازرقت وجوههم.
وطالبت الوزارة كل مؤسسات حقوق الانسان والمؤسسات الصحية الدولية بضرورة الاسراع لازالة هذا التهديد الخطير، ويأتي ذلك بعد أن شددت إسرائيل في الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر الحصار الذي تفرضه على قطاع غزة منذ حزيران/يونيو 2007 عبر اغلاق كل المعابر المؤدية اليه بسبب تصاعد اعمال العنف رغم التهدئة السارية المفعول منذ 19 حزيران/يونيو الماضي.
علف الحيوان
ومن جهة أخرى, أكد عبد الناصر العجرمي رئيس جمعية أصحاب المخابز أن الأخيرة بدأت منذ الخميس بطحن القمح الرديء المخصص لاعلاف الطيور والحيوانات وتحويله الى دقيق لتلبية احتاجات السوق، مشيراً إلى أن اكثر من ثلاثين مخبزا توقفت عن العمل كليا من اصل 47 مخبزا كما ان ثمانية مخابز من ال17 الباقية تعمل على الكهرباء التي تنقطع باستمرار، ويأتي ذلك بعد أن توقفت شركة المطاحن الفلسطينية كليا عن العمل بسبب نفاد القمح لديها وهي تعد الشركة الرئيسية الاكبر في قطاع غزة.
ومن جهة أخرى , قرر وزير الحرب الإسرائيلي إيهود باراك اليوم السبت إبقاء معابر قطاع غزة مغلقة لليوم الثامن عشر على التوالي بدعوى استمرار إطلاق القذائف والصواريخ المحلية على المستعمرات والمواقع العسكرية الإسرائيلية المتاخمة للقطاع.
ويعاني مليون ونصف المليون إنسان فلسطيني في قطاع غزة من أثار الحصار الصهيوني المفروض عليهم منذ ثمانية عشر شهراً, وقال جون جينغ ممثل وكالة غوث اللاجئين في القطاع المحاصر ان هناك 750 الف طفل فلسطيني على حافة الموت، لا يجدون الطعام ولا الدواء ولا حتى الحليب، ومع ذلك يدير العرب وجوههم الى الناحية الاخرى، لا يريدون ان يسمعوا، وبالتالي ان يتحركوا، حتى لا تغضب منهم الحكومة الاسرائيلية.
وتؤكد كارين ابو زيد المسؤولة عن منظمة الاونروا أن أمراض فقر الدم وسوء التغذية متفشية في أوساط الأطفال في قطاع غزة، وأن بعضهم اصبح يعاني من تشوهات خلقية، وقصر قامة أقل بكثير من المعدلات الطبيعية للنمو، ومع ذلك نرى تعتيما اعلاميا عربيا متعمدا على هذه المأساة.
بدوره، جدد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الجمعة دعوته إلى رفع الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة, معربا عن أسفه لعدم الاستجابة لدعواته السابقة، ويأتي هذا في الوقت الذي حذرت فيه وزارة الصحة الفلسطينية بغزة السبت من خطر توقف أكبر مستشفيات في قطاع غزة عن العمل إذا استمر الحصار الذي تفرضه إسرائيل على القطاع.
وقالت الوزارة في بيان صحافي إن "مجمع الشفاء الطبي ومستشفى غزة الأوروبي دخلا في أزمة حقيقية تنذر بوقوع كارثة صحية نتيجة تعطل المولدات الكهربائية الرئيسة جراء منع سلطات الاحتلال الإسرائيلي إدخال قطاع الغيار والزيوت اللازمة لتشغيلها".
وحذرت الوزارة من الخطر على "أرواح العشرات من المرضى الذين يرقدون على أسرة العناية الفائقة وأجهزة غسيل الكلى وعشرات الأطفال الخدج في أقسام الحضانة ".
وطالبت "كل مؤسسات حقوق الإنسان والمؤسسات الصحية الدولية بضرورة الاسراع بإزالة هذا التهديد الخطير".
وأغلقت قوات الاحتلال في الخامس من الشهر الجاري معابر قطاع غزة بعد توغل قوة إسرائيلية وسط قطاع غزة بدعوى تدمير نفق أرضي يتم تشييده من قبل نشطاء فلسطينيين بهدف أسر جنود إسرائيليين، قبل أن تشن قوات الاحتلال غارات أسفرت عن استشهاد 17 فلسطينياً ردت عليها المقاومة بقصف مستعمرات العدو.
وأدى إبقاء اسرائيل على إغلاق المعابر إلى أزمة وقود تسببت في انقطاع التيار الكهربائي بعد توقف محطة الكهرباء الوحيدة في غزة التي تنتج حوالى 30% من حاجاته من الكهرباء، فيما توفر الشبكات الإسرائيلية والمصرية الحاجة المتبقية.
وأطلقت المؤسسات الحكومية والإغاثية في غزة نداءات استغاثة جراء نفاذ مخزونها الطبي والغذائي جراء منع وصل الإمدادات اللازمة نظراً لإغلاق معابر القطاع، فيما حذرت الأمم المتحدة من نذر كارثة إنسانية خطيرة جراء الإغلاق في القطاع.
انفجار وشيك
في هذه الأثناء، حذر النائب جمال الخضري رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار اليوم السبت، من حدوث انفجار شعبي تجاه المعابر التجارية في قطاع غزة في حال استمر الحصار والإغلاق الإسرائيلي على شعبنا، مؤكداً أن الشعب الفلسطيني يسعى دوماً للانفراج وليس للانفجار الشعبي.
وطالب رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار، الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، بتحمل مسؤولياته تجاه شعبنا، وعدم الاكتفاء بالبيانات وسياسة الشجب والاستنكار، وممارسة دور فاعل وأقوى والتحرك الفوري والعاجل للعمل على إنهاء الحصار والإغلاق.
وأكد الخضري أن سياسة النداءات والبيانات المتكررة حول الوضع الفلسطيني، باتت لا تجدي نفعاً ولا تفي بالغرض المطلوب تجاه تصاعد الانتهاكات الإسرائيلي واستمرار الحصار والإغلاق.
وشدد الخضري خلال مؤتمر صحفي عقد بمدينة غزة، على أن المطلوب بالوقت الحالي هو عمل حقيقي وتحرك عربي وإسلامي ودولي لممارسة ضغط قوي من أجل إنهاء الحصار الإسرائيلي المفروض على الشعب الفلسطيني.
وقدًر رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار الخسائر المباشرة الناتجة عن الإغلاق والحصار الإسرائيلي ونقص الوقود والإمدادات الغذائية بـ750 مليون دولار، فضلاً عن عشرات الملايين من الدولار كخسائر غير مباشرة، مشيراً إلى فقدان 140 ألف عامل لعملهم.
وقال:" إن الاحتلال الإسرائيلي أصدر حكماً بالإعدام على كافة مناحي الحياة في قطاع غزة من إنسان وحيوان وطير ونبات، من خلال الإغلاق الخطير للمعابر لمدة ثلاثة أسابيع منعت خلالها إسرائيل دخول المستلزمات الأساسية وأهم مقومات الحياة من وقود ودقيق وحبوب مما عقًد كثيراً الحياة اليومية للمواطنين".
وأشار الخضري، إلى تحذيرات مدير عام عمليات "الأنروا" في قطاع غزة جون جينج، من حدوث كارثة إنسانية في القطاع في حال استمرار إغلاق المعابر الحدودية والتي تسبب في عجز الأنروا عن تقديم خدماتها لأكثر من 750 ألف لاجئ يعتمدون بشكل أساسي على مساعداتها.
مجزرة حقيقية
من جانبها، أكدت حركة حماس ان ما يجري في غزة مجزرة حقيقية يرتكبها الاحتلال بحق الإنسان والحيوان، منتقدة صمت المجتمع الدولي والعالمين العربي والإسلامي حيال معاناة الفلسطينيين تحت الاحتلال والحصار.
وقال المتحدث باسم الحركة فوزي برهوم : ان مجزرة الاحتلال طالت البشر والحيوانات والبنية التحتية وكل مناحي الحياة اليومية للشعب الفلسطيني، فيما العالم لا يحرك ساكنا.
وأضاف: ان غزة تعاني اليوم كارثة صحية وبيئية واجتماعية، على مرآى ومسمع من العالم كله، مطالبا المجتمع الدولي والعالميْن العربي والإسلامي بالتحرك لإنهاء الحصار الإسرائيلي.
وتوقفت شركة المطاحن ومعظم مخابز القطاع عن العمل واضطر مربو الدواجن لإعدام مئات الآلاف منها نظرا لنقص الأعلاف بسبب إغلاق معابر القطاع للأسبوع الثالث.
وقال مدير عام شركة المطاحن الفلسطينية زياد الفرا: ان شركة المطاحن تخطي 50% من القطاع، لكنها توقفت عن العمل تماما بسبب عدم وجود القمح في المطاحن جراء اغلاق المعابر ومنع دخول القمح.
من جانبه قال فضل بكرون من الشركة العربية للدواجن: "بسبب إغلاق المعابر وعدم وجود الغاز لتدفئة مزارع الدواجن منذ 17 يوميا يتم اعدام 60 الف "كتكوت" بصورة يومية، مشيرًا الى ان هناك مليوني دجاجة لحم ومليون دجاجة بيض مهددة بالاعدام بسبب نفاد الاعلاف