لم يكن بوسع الحاجة أم محمد عامر عند نفاد كمية الدقيق لديها، إلا أن تتوجه إلى أحد المخابز القريبة من منزلها, لكن الحظ لم يكن حليفها في تلك اللحظة ,لأنها وصلت إلى المخبز في ساعة متأخرة, كان فيها الخبز قد نفد بشكل تام من الخبز, حال الحاجة أم محمد لا يختلف كثيراً عن معظم العائلات الفلسطينية التي تعاني من نقص الخبز, خاصة مع نفاد القمح من المخابز, تعتمد على الخبز الجاهز وخاصة فئة الموظفين, والآن باتت معاناتهم شديدة في ظل انقطاع التيار الكهربائي, وتوقف معظم المخابز عن العمل.
تقول الحاجة أم محمد أنها استيقظت فجراً علها تتمكن من القيام بأعمال المنزل قبل انقطاع التيار الكهربائي, لكنها تفاجأت بقطع التيار الكهربائي في وقت باكر, ومع نفاد الدقيق لديها في هذا اليوم لم تستطع ستطيع إكمال أعمال المنزل, موضحةً بأنها اضطرت إلى أن تذهب إلى المخبز الموجود بجوار منزلها لكن الحظ لم يحالفها.
وفرضت سلطات الاحتلال حصارا مشددا منذ الخامس عشر من الشهر الجاري، حيث أغلقت جميع معابر القطاع ومنعت إدخال إمدادات الغذاء والوقود والدواء مما عطل عمل محطة توليد الطاقة الوحيدة في القطاع وأوقف عمل جميع المخابز والمطاحن .
وأوضحت الحاجة أم محمد بأن جميع المخابز الموجودة في المنطقة كانت مغلقة تماماً, مشيرةً إلى أنها في حال توفر الدقيق إليها فإنها ستعود للطرق البدائية كفرن الطين, في إعداد الخبز, مؤكدةً أن مشكلة انقطاع التيار الكهربائي ونقص القمح باتت مشكلة تعاني منها جميع جاراتها في نفس المنطقة.
أما الحاجة أم يوسف مشتهى, الموظفة في إحدى الدوائر الحكومية, أكدت على أنها تعتمد بشكل كبير على الخبز الجاهز, موضحةً بأنه في الأيام القليلة الماضية كان زوجها يذهب في الساعة السابعة صباحاً إلى المخبز وينتظرفي طوابير المصطفين للحصول على ربطة الخبز.
وبينت بأن انقطاع التيار الكهربائي أيضاً زاد من معاناتها, فهي كانت تنوي الخبز على فرن كهربائي صغير, موضحةً بأن الأزمة إذا استمرت على وضعها خلال الأيام المقبلة فسيزداد وضعها سوءاً.
لم تكن معاناة ربات البيوت وحدها أزمة في حد ذاتها إنما وصلت ذيول الأزمة إلى أصحاب المخابز, الذين اضطروا إلى التوقف عن العمل بسبب عدم توفر الدقيق والسولار والغاز, مصباح الشنطي, صاحب مخبز الشنطي, أعرب عن استيائه من الوضع العام, خاصة بعد استمرار انقطاع التيار الكهربائي وتوقف 80% من مخابز غزة عن العمل, موضحاً بأن 20% من المخابز ما زالت مستمرة في العمل.
وأشار إلى أنه يضطر عند انقطاع التيار الكهربائي إلى تشغيل المولد الكهربائي, وعلى الرغم من عدم توفر السولار إلى أن الحاج مصباح يضطر إلى استخدام السولار المصري رغم رداءته حتى لا يتوقف عن العمل.
وأكد على أن مخبزه ستغلق أبوابه خلال الساعات القليلة القادمة لعدم توفر كميات كبيرة من الدقيق في المخبز, مطالباً (إسرائيل) بفتح المعابر لإدخال الدقيق إلى قطاع غزة حتى لا ينضم أصحاب المخابز إلى طوابير البطالة.
ولم يختلف حال صاحب مخبز الشنطي عن حال صاحب مخبز عجور, الذي توقف عن العمل بسبب عدم توفر الدقيق وانقطاع التيار الكهربائي, معرباً عن أسفه لتوقف جميع العاملين في المخبز عن العمل.
وأفاد بأن المخبز يضطر إلى شراء حزم الخبز من مخبز اليازجي وبيعها بنفس السعر حتى لا يفقد المخبز زبائنه, قائلاً:"نحن في حالة لا يرثى لها , لا غاز ولا كهرباء ولا حتى دقيق".
أما عن أسباب توقف المصنع عن العمل, أشار عجور إلى أنه كان يعمل على المولد عند انقطاع التيار الكهربائي, لكن مع ارتفاع أسعار السولار اضطر للتوقف عن العمل, لأن المولد الكهربائي يزيد من تكاليف المخبز إلى الضعف تقريباً.
وأعرب عن أمله في أن تتحسن الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة , وتفتح المعابر ليستطيع أن يكمل عمله في المخبز.
أعداد كبيرة من المصطفين أمام مخبز العائلات, كانت تنتظر الخبز, وكانت عبارات تتردد مثل "إذا توفر الخبز اليوم فلن يتوفر غداً", ويشير رياض أيوب أحد العاملين في المخبز, إلى أن الأزمة كبيرة في مخابز قطاع غزة لعدم توفر الدقيق والتيار الكهربائي والغاز.
وأوضح بأن القمح الأمريكي غير متوفر في السوق ,لذلك يضطرون إلى استخدام أنواع رديئة من القمح الموجود في الأسواق, مطالباً (إسرائيل) بفتح المعابر وتوفير القمح للمواطنين لأن قطاع غزة سيعاني من كارثة إنسانية قريباً.
ومع ازدياد أزمة انقطاع التيار الكهربائي في المخابز, زاد إقبال المواطنين على شراء خبز الطابون, ويقول حسن الحلو، أحد العاملين في مخبز الطابون, إلى أن إقبال الناس على شراء خبز الطابون, ازداد بشكل كبير مثل إقبالها على شراء الخبز "الفينو".
وأكد على أنه إذا استمر الوضع على ما هو عليه سيضطر صاحب المخبز لإغلاقه خاصة مع انقطاع التيار الكهربائي وأزمة الغاز.
وللمطاحن أيضاً معاناة أخرى نتيجة نفاد الدقيق, هذا ما أكده عدنان عواد، أحد الموظفين في مطاحن السلام, مشيراً إلى أن المطحنة في الوقت الحالي تعمل على بواقي أخر كميات من القمح, مؤكداً أن المطحنة ستتوقف اليوم عن العمل بسبب عدم توفر القمح فيها.
وأشار إلى أن النقص في كميات القمح بدأت تظهر أول من أمس واليوم توقف مخزون القمح في المطحنة وسنضطر إلى التوقف عن العمل, مبيناً بأن أنواع القمح الموجود في المطحنة هو قمح أمريكي وروسي وبلدي أفضلهم القمح الأمريكي وهو غير المتوفر في السوق.
ولفت إلى أن المطحنة تورد إلى 10 مخابز بشكل يومي ومع توقفها ستتوقف هذه المخابز عن العمل إلا من بقى لديه مخزون سابق, موضحاً بأن مطحنة السلام متعاقدة مع وكالة الغوث الدولية لتوريد الدقيق لها لكنها توقفت أول أمس من عن توريدها بسبب نقص الدقيق.
وأفاد بأن المخابز ستقلص من الكميات التي تنتجها ومن المتوقع أن تتوقف جميع المخابز عن العمل اليوم أو غدا
الخميس أغسطس 20, 2009 1:22 am